رئيس تنزانيا الراحل ماجوفولي.. حارب الفاسدين وناهبي الأراضي فلُقب «البلدوزر»


خيمت أجواء من الحزن على تنزانيا ارتسمت صورته في وجوه مواطنيها بمشاعر تغلفها الصدمة بعد إعلان مفاجىء عن وفاة رئيسهم جون بومبيه ماجوفولي المحتجب عن الظهور منذ السادس والعشرين من فبراير الماضي والذي وافقته المنية مساء الأربعاء الماضي عن عمر يناهز 62 عاما وفشل الأطباء في إنقاذ حياته بمستشفى دار السلام.
وأعلنت الحكومة التنزانية حدادًا عامًا لمدة أسبوعين في كافة أقاليم الدولة، كما تم إلغاء كافة أشكال الاحتفال والمباريات الرياضية وتنكيس الأعلام حدادًا على وفاة رئيسها الذي أعلنت وفاته (رسميًا) نتيجة مشاكل مفاجئة في القلب، فيما ترددت تكهنات عن وفاته متأثرا بفيروس "كورونا" ليصبح أول رئيس في العام تصرعه تلك الجائحة التي ألمت بالعالم إذا صدقت تلك التكهنات.
وعلى امتداد ولايته الرئاسية 2015 – 2020 كان رئيس التنزاني الراحل جون ماجوفولي محاربا شرسا للفساد والفاسدين وناهبي أراضي الدولة، وقد ساهم في دفع عجلة العمل الإنمائي في البلاد جذبا للمستثمرين، ودشن عددًا من المشروعات القومية العملاقة في تنزانيا بمجالات النقل والطرق ربطت أقاليمها المترامية بشبكة متماسكه من الطرق المحورية و خلقت مجتمعات عمرانية جديدة على محاورها.
وشهد معارضو ماجوفولي قبل مؤيديه له بالحزم والصرامة في تنفيذ مخططات الإنماء في بلاده "غير عابىء بشعبيته" واتخاذ قرارات "صعبة" لرفع مستوى التنزانيين وإعادة تنظيم شئون الدولة، ولهذا السبب اطلق عليه معارضوه مسمى "البلدوزر" حيث كان يطيح بأية معوقات تعترض رؤيته للتنمية في تنزانيا "بجراءة واقتدار" يحسده عليها الكثيرون.
وتشير تقارير إخبارية واردة من دار السلام إلى اختفاء الرئيس التنزاني الراحل منذ السابع والعشرين من فبراير الماضي إذ لم يظهر على شاشات التلفزة أو في أية فعاليات جماهيرية منذ هذا التاريخ، وهو ما اشعل تكنهنات بأنه قد أصيب بفيروس كورونا.
وكان أخر قرارين صدرا عن الرئيس التنزاني الراحل بتاريخ السادس والعشرين من فبراير الماضي يتعلقان بمحاربة الفساد بتكليف هيئة مكافحة الفساد التنزانية بالتحقيق في واقعة فساد لأحد البنوك الكبرى بنهب 12 مليار شلن من أموال مودعي البنك في قروض فاسده، وكان قراره الثاني والأخير هو رد 8ر4 مليار شلن من أموال الدولة من أيدى ناهبيها من واضعي اليد على الأراضي.
كما أوقف رئيس تنزانيا الراحل أوجه الإسراف في الإنفاق الحكومي وترشيد التوظيف فيها وفقا للاحتياجات الفعلية، كما أجرى ترشيدا في هياكل أجور موظفي الدولة، وبدأ بنفسه بخفض راتبه من 5ر1 مليون شلن إلى ما لا يتعدى 400 ألف شلن شهريا، كما خفض رواتب موظفي الدولة من الوزراء ومن في حكمهم بنسبة الثلث وأحكم السيطرة على الرحلات الخارجية للمسئولين التنزانيين، فكان قراره الأول هو خفض عدد المشاركين في اجتماعات دول الكومنولث التي تعد تنزانيا عضو فيها بمقدار النصف وهي الاجتماعات التي كانت تجرى في لندن.
وبفضل سياساته التقشفية والإصلاحية التي لم تكن تعجب الكثيرين من خصومه حافظ رئيس تنزانيا الراحل على معدلات آداء اقتصادي جيده كانت موضع إشادة صندوق النقد الدولي الذي وضع تنزانيا ضمن اقتصاديات منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى الأسرع نموا، وفي مطلع العام الجاري أعلن البنك الدولي نجاح تنزانيا في تحقيق نمو اقتصادي نسبته 6 % برغم تداعيات "كورونا" بفضل برامج الإصلاح الاقتصادي الذي سارت عليه والتي ستنتهي برامجها الحالية بحلول العام 2023 وما حققته تنزانيا من نجاحات على صعيدي التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمواطنيها.
ويعد رئيس تنزانيا الراحل جون ماجوفولي هو خامس رئيس يحكم تنزانيا منذ توليه مهام منصبه في عام 2015 خلفا لرئيسها الراحل ايدوارد لواسا متوجا بذلك مسيرة عمل سياسي طويلة بدأت عام 1995 بفوزه بمقعد في البرلمان الوطني التنزاني لينتقل بعد ذلك إلى دوائر الحكم كنائب لوزير الأشغال العامة في الحكومة التنزانية في نفس العام وحتى عام 2000 الذي تولى فيه منصب وزير الأشغال العامة حتى العام 2006 .
وشغل فيما بين عامي 2006 و2008 منصب وزير الإسكان والأراضي ثم عمل وزيرا للثروة الحيوانية و المصايد حتى العام 2008 قبل أن يعود مجددا إلى وزارة الإسكان كوزير لها وهو المنصب الذي شغله في الفترة من 2010 وحتى 2015 عندما فاز في الانتخابات الرئاسية في بلاده ليكون خامس رئيس لها.
ولد جون ماجوفولي عام 1959 بمقاطعة جيتا الزراعية التي تقع غربي البلاد وأتم تعليمه في تنزانيا وعمل في مستهل حياته مدرسا للرياضيات ثم انتقل للعمل في قطاع محالج القطن في شمال تنزانيا جامعا بذلك بين الفضائل التربوية والخبرة الاقتصادية وهو ما انعكس على أسلوب قيادته للبلاد فيما بعد في صورة مشروعات تعليمية وزراعية وصناعية كبرى.