إيران وروسيا يجتمعان ضد أمريكا .. اقرا التفاصيل


تستعد موسكو لمواجهة سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الصارمة ضد روسيا، بعدما وُصفت بأنها "التهديد الأكبر" للولايات المتحدة، وتشير الملاحظات الأخيرة للمسؤولين الروس إلى أن موسكو ترى فرصة في إرث إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فيما يتعلق بالشرق الأوسط، حيث انسحب من خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) مع إيران، وشجع إسرائيل من خلال اتفاقيات السلام، وهي سياسة تراها موسكو فرصة لتعميق التحالف مع إيران وتعزيز مكانة روسيا كقوة عظمى.
وعلى الرغم من أن فوز المتشددين في الانتخابات الرئاسية الإيرانية القادمة سيخلق قدرة إضافية للمساهمة بشكل أكبر في العلاقات الروسية الإيرانية، إلا أن بعض التعقيدات تتطلب نهجًا دقيقًا من كلا الجانبين، وفقا لموقع "مودرن دبلومسي".
وفي المقابلات التي أجراها قبل الانتخابات، وصف الرئيس المنتخب جو بايدن روسيا بأنها " أكبر تهديد" للولايات المتحدة، ولم يتم الإفصاح عن مزيد من التفاصيل حول ما يعنيه ذلك بالضبط وما هي السياسة والأهداف التي سيتبعها فريق السياسة الخارجية والأمن القومي فيما يتعلق بروسيا، ومع ذلك فإن أي سياسة "احتواء" محتملة ضد روسيا من قبل واشنطن لن تستبعد على الأرجح معالجة الوجود الروسي والسياسات في مناطق مثل الشرق الأوسط.
مثل هذا النهج سيؤثر حتما على العلاقات الثنائية لروسيا مع حلفائها وشركائها، بما في ذلك إيران، وقد يجبر موسكو على ابتكار طرق جديدة لتحقيق مصالحها وأغراضها الإقليمية والدولية.
روسيا تسعى للتصالح مع إيران
أثارت التصريحات الأخيرة للمسؤولين الروس تكهنات بأن موسكو لديها خطة محسوبة تجاه إيران، ما يشير إلى أن موسكو تريد المزيد من التقارب مع طهران في عهد بايدن، وتأمل روسيا ألا تتجاهل إيران مساعيها خلال حملة "الضغط الأقصى" لترامب وألا تتعامل مع الولايات المتحدة على حساب شراكتها مع روسيا.
كما تزعم موسكو أنه إذا تحولت الخطوات الروسية السابقة لصالح إيران إلى أموال، فستكون مليارات الدولارات، ويبدو التقدير معقولا من منظور الكرملين؛ لأن روسيا تعتبر نفسها المنقذ لخطة العمل الشاملة المشتركة عبر النفوذ الدبلوماسي في طهران، ومساهم سري لإيران لتحمل العقوبات، وتعزز الدفاع الجوي للبلاد، وقدرات الرادار الاستطلاعية، وفتح أسواق إقليمية جديدة لإيران.
إيران على النقيض
على الجانب الآخر تسمع أصواتًا مختلفة من إيران، والتي قد تكون مقلقة بالنسبة لروسيا، فقد صرح علي أكبر صالحي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية (AEOI)، مؤخرًا بأن إيران هي "الحزام الذي ألقاه الغرب حول روسيا" وأن الرئيس بايدن يريد تسوية مع إيران بطريقة ما لتعزيز الضغط على روسيا.
وخلص إلى أن إيران "جارة كبيرة ومستقلة لروسيا"، والتي يمكن أن تستفيد الآن من "فرصة تاريخية" جديدة في "مثلث الولايات المتحدة والصين وروسيا"، ولكن فكرة صالحي الانتهازية ليست وجهة نظر سائدة في طهران، أو بعبارة أخرى لن تعني سياسة "الاحتواء" الجديدة التي تنتهجها واشنطن ضد موسكو بالضرورة فرصًا فريدة من نوعها لطهران.
وستواجه إيران نفسها تورطًا مع إدارة بايدن بشأن ملفاتها غير النووية، والتي يمكن أن تحتوي حتى على أرضية مشتركة لروسيا وإيران لتعميق علاقاتهما واستخدام الإمكانات غير المستغلة في ظل ظروف استراتيجية معينة، ولذا فإن روسيا تحاول تمهيد الطريق لتوفير مثل هذه الشروط، وتعتبر روسيا أن خطة العمل الشاملة المشتركة هي تذكرة اللعب الرئيسية في تعامل إيران مع الولايات المتحدة.
في العام الماضي عندما قررت إيران تقليص التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة ردا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، شجب فلاديمير بوتين قرار طهران، وأكد أن "روسيا ليست طاقم إنقاذ.. لإنقاذ الأشياء التي ليست تحت سيطرتنا بالكامل"، وأثارت تصريحاته شكوكا تاريخية ضد السياسة الروسية.
روسيا تتمسك بخطة العمل المشتركة
وفي الوقت الحالي تحاول روسيا منع إيران من القيام بأفعال تضرها، مثل "إنهاء تطبيق البروتوكول الإضافي" أو اتخاذ أي خطوات نووية أخرى متهورة، واقترحت موسكو أيضا بعض الاجتماعات الدبلوماسية، والتي تم رفضها من قبل الولايات المتحدة و إيران، علاوة على ذلك قدمت روسيا مبادرة الأمن الجماعي في الخليج العربي لمنع أي صراع إقليمي.
إلى جانب المساعي الدبلوماسية، لا تزال موسكو تؤيد عودة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة ورفع العقوبات الإيرانية، هذه هي نفس السياسة المعلنة أو على الأقل الخطوات الأولية التي يريد الرئيس المنتخب جو بايدن اتخاذها تجاه إيران.
على الرغم من أن طهران للوهلة الأولى كشريك وثيق لموسكو ستأخذ نفسًا جديدًا، ومع ذلك فإن أي مشاركة جديدة بين إيران والولايات المتحدة بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة ستصل إلى روسيا إلى الهدفين الرئيسيين: تأكيد مكانة روسيا كقوة عظمى من خلال التأكيد على جهودها الدبلوماسية السابقة والإثبات لإيران بأن موسكو لا تعتبر عقوبات الولايات المتحدة ضد إيران كفرصة.
إيران وروسيا لا يتفقان
في غضون ذلك يبدو أن إيران وروسيا لديهما وجهات نظر مختلفة بشأن تداعيات خطة العمل الشاملة المشتركة والملفات غير النووية الإيرانية؛ إذ ترفض طهران بشكل مطلق أي مفاوضات نووية وغير نووية جديدة، في حين أن روسيا تعتقد أن تطبيع خطة العمل الشاملة المشتركة لا يتطلب معالجة "برنامج إيران الصاروخي والسلوك الإقليمي"، وبما أن الأخيرين لديهما فرصة لتسويتهما فقط في السياق الإقليمي الأوسع، فلا حاجة إلى الخلط مع الملف النووي، بمعنى آخر تفسر روسيا هذه القضايا على أنها قابلة للتفاوض في ظل ظروف معينة وتقبل المطالب الغربية ضمنًا.
يبدو أن روسيا تنظر إلى خطة العمل الشاملة المشتركة على أنها تذكرة ضرورية لحضور مفاوضات إيران غير النووية المستقبلية المفترضة مع القوى الأمريكية والأوروبية، لكن المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي يصر على الحفاظ على الوجود الإقليمي لإيران وقوتها الصاروخية ويرفض أي انسحاب، وهذه منطقة خلاف بين طهران وموسكو.
وتواصل إيران طلب رفع العقوبات وعودة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة دون أي شروط مسبقة أو تعديلات أخرى بناءً على التطورات الجديدة، ولكن طهران ليست متحمسة لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة في شكلها الأصلي وتستعد لمزيد من التصعيد النووي.
لذلك على الرغم من أن خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) توفر لروسيا فرصة لإظهار وضعها الدبلوماسي ضد الولايات المتحدة، فلن يكون من السهل عليها أن تلعب دورًا بناء في الصفقة النووية بطريقة ترضي إيران.