امريكا وقطر تدخل سوق الغاز المصريه
⭕️ أزمة الطاقة في مصر تفتح سباق نفوذ ثلاثي: صفقة إسرائيل المجمدة تمنح قطر وواشنطن فرصة ذهبية في سوق الغاز المصري
مع تعليق اسرائيل لصفة الغاز العملاقة مع مصر، انطلقت موجة تقارير من القنوات والصحف العبرية تتحدث عن “عرض قطري مفاجئ” لمصر بتزويدها بكميات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال لتعويض التعطيل الإسرائيلي.
وأوضحت التقارير أن الدوحة قدمت عرضًا مرنًا يتجاوز مجرد شحنات مؤقتة، ما جعل بعض المسؤولين الإسرائيليين يحذرون من أن قطر قد تصبح المورد الذي يوفر ما يصل إلى 20% من كهرباء مصر.
صحيفة “غلوبس” الإسرائيلية أكدت أن تعطيل الصفقة منح قطر فرصة ذهبية للدخول بقوة إلى السوق المصرية. وأشارت الصحيفة إلى وجود “انزعاج مشترك” من جانب المسؤولين في القاهرة وتل أبيب من استمرار تعطيل الحكومة الإسرائيلية للاتفاق، مع الإشارة إلى تقديرات داخل إسرائيل بأن الرئيس المصري “متحفظ سياسيًا” تجاه توسيع العلاقات مع قطر.
⭕️ الصفقة التي وُلدت عملاقة… ودخلت غرفة التجميد
في أغسطس 2025، وقعت القاهرة وتل أكبر اتفاق غاز في تاريخهما، صفقة بقيمة 35 مليار دولار تمتد حتى 2040، وتحصل بموجبها مصر على 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الإسرائيلي من حقل ليفياثان عبر مرحلتين، مع إضافة خط جديد يمر من نيتسانا لزيادة التدفقات.
هذا الاتفاق جاء في لحظة حساسة بالنسبة لمصر؛ فالإنتاج المحلي الذي بلغ ذروته عند 71 مليار متر مكعب في 2021 بدأ ينحدر تدريجيًا حتى وصل إلى ما بين 45 و49 مليارًا فقط عام 2024، بينما بقي الاستهلاك ثابتًا بالقرب من 70 مليار متر مكعب سنويًا، وهو ما أعاد القاهرة إلى موقع المستورد الصافي.
لكن هذا المشروع الضخم لم يكتمل. وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين أعلن تعليق الصفقة لإعادة النظر في شروطها “بما يناسب السوق المحلي”، وفق ما كشفته فايننشال تايمز. القرار لم يربك القاهرة فحسب، بل أثار انزعاج شركات أمريكية كبرى مثل شيفرون، وفتح الباب أمام أزمة سياسية واقتصادية دخلت فيها أطراف إقليمية ودولية تبحث عن موطئ قدم في واحدة من أكبر أسواق الغاز في المنطقة.
⭕️ واشنطن تتحرك… الغاز يتحول إلى ساحة نفوذ
في موازاة التحركات القطرية، كانت الولايات المتحدة تدفع بقوة إلى توسيع حصتها في السوق المصرية. فقد وقعت القاهرة بحلول نهاية نوفمبر الماضي اتفاقًا ضخمًا مع شركة Hartree Partners الأمريكية بقيمة 4 مليارات دولار تشمل توريد 80 شحنة من الغاز المسال، ما جعل واشنطن المورد الأكبر لمصر خلال 2025.
بحسب تقارير إسرائيلية، فإن فريقًا أمريكيًا رفيع المستوى—يضم شخصيات مقربة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب—بدأ وساطة سريعة لإعادة الصفقة الإسرائيلية إلى مسارها، في محاولة لمنع قطر من ملء الفراغ الذي تسبب به التعطيل الإسرائيلي.
التحرك الأمريكي بدا واضحًا في سياق أوسع: حماية استثمارات شيفرون، الشريك الرئيسي في حقل ليفياثان الإسرائيلي بحصة تصل إلى 40%، تثبيت الوجود السياسي الأمريكي في شرق المتوسط، ومنع تحوّل مصر إلى ساحة تتوسع فيها الدوحة التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع تركيا والصين، وهما منافسان لواشنطن في ملفات الطاقة والنفوذ الإقليمي.
⭕️ وزارة البترول تنفي
وسط الضجيج الإعلامي المتسارع، خرج مصدر مسؤول في وزارة البترول المصرية لينفي بشكل واضح فكرة وجود “عرض قطري مفتوح” لتزويد مصر بالغاز. وأكد المصدر أن القاهرة تتبع استراتيجية ثابتة تقوم على تنويع الموردين واختيار السعر الأفضل في السوق العالمية دون ارتباط سياسي بمورد بعينه. كما أشار إلى أن إسرائيل نفسها تتضرر اقتصاديًا من تعطيل الصفقة، لأنها تفقد عائدات تصدير تقدر بمئات الملايين من الدولارات.
توضيحات أخرى جاءت لتؤكد أن مصر لا تعتمد على قطر أو الولايات المتحدة أو إسرائيل وحدهم، بل تتعامل أيضًا مع أرامكو وترافيجورا وفيتول وجهات جزائرية، ضمن مزيج واسع من الموردين يهدف إلى حماية الاقتصاد المصري من تقلبات الأسعار وسياسات الدول المصدرة.
⭕️ خريطة أوسع… صراع نفوذ إقليمي يتجاوز صفقة الغاز
أزمة الصفقة لم تعد مجرد خلاف تجاري بين القاهرة وتل أبيب، بل جزء من مشهد أوسع يعيد تشكيل خريطة الطاقة في شرق المتوسط. فمصر التي كانت تكتفي ذاتيا قبل أعوام قليلة من الغاز الطبيعي عادت بقوة لتصبح أكبر مستورد للغاز الطبيعي في الشرق الأوسط، وهو ما جعلها نقطة جذب لجميع الأطراف.
قطر ترى في مصر سوقًا استراتيجية تمنحها نفوذًا سياسيًا واقتصاديًا، وإسرائيل تعتبر القاهرة أحد أهم زبائن الغاز الإسرائيلي، بينما ترى الولايات المتحدة أن الحفاظ على مصر داخل دائرة نفوذها ضروري لموازنة الأدوار في المنطقة.
تعطيل الصفقة الإسرائيلية أصاب جميع الأطراف بالقلق. مصر تخشى ارتفاع فاتورة الغاز المسال، وإسرائيل تخسر موارد حيوية، وقطر وأمريكا تتسابقان على سد الفجوة. وهكذا تحولت قصة ليفياثان إلى واحدة من أكثر ملفات الطاقة تعقيدًا في 2025، حيث تمتزج السياسة بالاقتصاد بالأمن الإقليمي في لحظة حرجة.
#تحقيق_مفصل
⇧




























