ماهي مواصفات العجل الذي كان يقدسه القدماء المصريون؟


كان تقديس الحيوان معروفا في مصر منذ أقدم العصور، فعند وجود علامات خاصة تميزهم عن أبناء جنسهم، يتم تنصيب هذا الحيوان فى احتفالية رسمية؛ ليجسد أحد المعبودات لدى المصريين القدماء.
ويعد السبب الأهم في احترام وتقديس الحيوان والدافع من وراء عبادته، يرجع إلى أن المصرى القديم قدس الروح السامية الكامنة فيه وليس الحيوان ذاته، إضافة إلى أنه لم يقدس كل أنواعها، وإنما كان الاختيار يقع على نوع محدد من الحيوانات.
وانتشرت عقائد تقديس الحيوانات وازدادت شعبيتها بشكل كبير فى الفترة المتأخرة «800 قبل الميلاد وما تلاها»، حيث جرى خلال تلك الفترة تحنيط الكثير من الحيوانات المقدسة ودفنها فى مدافن مخصصة لها فى أماكن مقدسة بأنحاء مختلفة من البلاد.
ومن الشروط التي يجب توافرها في اختيار المعبودات، وفقا لقواعد معينة، هي أن يكون «لونه أسود، وبه علامة مربعة بيضاء تتوسط جبينه، وأن تظهر على طول ظهره صورة بيضاء لنسر كبير، أما ذيله فيجب أن يكون ذا خصلتين من الشعر، وعلى لسانه رسم لـ(جعران)»، فإذا ما توافرت كل هذه الشروط فى أحد العجول، تم سحبه إلى المعبد في احتفال عظيم، وتقام الأفراح، فهو الإله المنتظر.
ومن هذه المعبودات، عجل «أبيس»، الذى حظى بالتقديس عند الإله «بتاح»، وخصصت له حجرة خاصة داخل معبد بتاح فى منف، وألحق بخدمته مجموعة من الأتباع المخلصين، علاوة على ذلك، تم تخصيص مجموعة من الأتباع المخلصين، ومجموعة من الكهنة؛ لخدمة العجول التى تولد فى هذا المكان المتميز.
ويوضح كتاب «المعبودات المصرية» للكاتب «باسكال فيرنوس»، أن البقرة التى تلد العجل المميز «الإلهة» كان من حقها هى الأخرى أن يكون لها مقصورة خاصة بها، وعند موته يتوافد المؤمنون به من كل أرجاء مصر ليتواجدوا خلال الطقوس الجنائزية وعملية التحنيط التى تستغرق 70 يومًا، كما أنهم يصوموا عن الطعام للتعبير عن حزنهم، ويتزاحموا بكثرة حتى يدفن العجل المقدس، ويصنعون بجوار قبره تماثيل صغيرة له أو لوحات تحمل صورته.
وأشار الكتاب إلى أن المصريين القدماء لم يكن العجل "أبيس" هو الحيوان الوحيد الذي يلقى الرعاية الكاملة ويقدم له فروض العبادة منهم، لكن كانوا يقوموا بنحت «إلهة» مشابه لأصل الحيوان، وذلك من الخشب أو الحجر أو البرونز، وكانوا يقدمون له نفس الطقوس الجنائزية مثل الحيوان الحي، وكانوا يقدمون أيضًا النسخة المشابهة هذه كقربان لإلهة الحي، في المناسبات والأعياد.
جدير بالذكر أن العجل "أبيس" كان يرمز للخصوبة أيضًا ويعبد في منف، وقد اعتبره قدماء المصريين روح الإله بتاح، لهذا كان يتوج بوضع قرص الشمس بين قرنيه، وتم العثور على تماثيل برونزية له ترجع للحكم الفارسي لمصر، وكان من ضمن العلامات المميزة له أيضًا أن يكون به بقع بيضاء بالجبهة والرقبة والظهر، وكان يخصص له موقعًا مميزًا للمعيشة، والذي يطلق عليه "الحظيرة المقدسة"، التي تجمع العديد من العجول "أبيس"، وعند موته كان الكهنة يدفنونه في جنازة رسمية، ثم يتوج عجل آخر كإله بالحظيرة المقدسة وسط احتفالية كبرى.