كيف تحصل على فوائد الثوم الصحية؟
الثوم ليس مجرد مكوّن يمنح الطعام طعما قويا، بل هو كنز غذائي يثير اهتمام الأطباء وخبراء التغذية على حد سواء، فهو معروف بدوره في خفض ضغط الدم، وتحسين الدورة الدموية، وتعزيز المناعة. ومع ذلك، يظلّ السؤال قائمًا: هل تختلف فوائد الثوم باختلاف طريقة تناوله؟ وهل يحتفظ المطبوخ منها بما يتميّز به النيء؟
وفقًا لتقرير نشره موقع Everyday Health المتخصص في الأبحاث الغذائية، فإن الفارق بين الثوم النيء والمطبوخ لا يكمن فقط في الطعم، بل في التفاعلات الكيميائية التي تحدث داخله. فعند سحق فصوص الثوم الطازجة، ينشط إنزيم "الأليناز" الذي يحوّل مركّب "الألين" إلى "الأليسين"، وهو المكوّن المسئول عن معظم الفوائد الصحية المعروفة للثوم، هذا المركّب هو الذي يمنح الثوم قدرته على مقاومة البكتيريا وتنشيط الخلايا المناعية وحماية القلب من الأكسدة.
الثوم النيء: طاقة دوائية فورية
تناول الثوم النيء يعني حصول الجسم على تركيز مرتفع من الأليسين في صورته النشطة، ما يجعله فعّالًا في دعم المناعة ومحاربة الالتهابات. كما يُعتقد أنه يساعد في خفض مستويات الكوليسترول الضار وضغط الدم عند المداومة على تناوله بكميات معتدلة. غير أن الأليسين لا يحتمل الحرارة، ويتحلّل بسرعة عند الطهي أو التعرض للهواء، ما يجعل الفائدة الكبرى مقتصرة على الاستهلاك الطازج المباشر.
الثوم المطبوخ: فائدة غذائية متوازنة
عندما يُسخَّن الثوم، تقل كمية الأليسين فيه، لكن تظهر مكونات أخرى لا تقل أهمية مثل مركّبات الكبريت المستقرة التي تحافظ على نشاط مضاد للأكسدة بدرجة مختلفة. ويؤكد خبراء التغذية أن الطهي على حرارة منخفضة — مثل التشويح السريع أو الإضافة في المراحل الأخيرة من الطهي — يضمن الحفاظ على جزء من خصائص الثوم العلاجية دون أن يفقد مذاقه أو عناصره المعدنية المهمة كالسيلينيوم والمغنيسيوم والكالسيوم.
اختلاف التأثير لا يعني فقدان القيمة
توضح الدراسات الحديثة أن فقدان الأليسين لا يعني غياب الفائدة الصحية. فالثوم المطبوخ يساعد الجهاز الهضمي على امتصاص المغذيات بسهولة أكبر، ويقلّل من حدّة التهيج الذي قد يسببه الثوم النيء لبعض الأشخاص. كما أن الألياف الطبيعية والعناصر المعدنية في الثوم المطبوخ تظلّ فعالة في دعم صحة الأمعاء وتنشيط الدورة الدموية.
ما الذي ينصح به الخبراء؟
يؤكد الباحثون أن التوازن بين الطريقتين هو الخيار الأمثل. فإضافة القليل من الثوم النيء إلى السلطة أو الصلصات يمنح الجسم دفعة سريعة من المركّبات الفعالة، بينما يساهم الثوم المطبوخ في بناء دعم غذائي طويل الأمد. ويُنصح بترك الثوم المفروم لعدة دقائق قبل طهيه حتى تتكوّن الإنزيمات المولِّدة للأليسين بشكل كامل، مما يزيد من قيمته الصحية حتى بعد الطهي.
الثوم إذًا ليس مجرد بهار يُضاف للطعام، بل مكوّن طبي طبيعي تتغيّر خصائصه بتغيّر طريقة استخدامه. إن إدراك هذا التوازن بين النيء والمطبوخ يجعل من الثوم وسيلة ذكية للحفاظ على الصحة وتعزيز الحيوية ضمن نظام غذائي متنوّع ومتوازن.




























