اليوم الاخباري
  • اليوم الاخباري
  • اليوم الاخباري
  • اليوم الاخباري

رئيس مجلس الإدارة م. إبراهيم الصريدي

صاحب الامتياز د. محمد الصريدي

المدير العام أ محمود الكيلاني

منوعات

خطف 150 ألف طفل من آبائهم لـ«الدمج الإجبارى».. ووفاة ٤ آلاف

اليوم الاخباري

يعانى السكان الأصليون فى كندا من أوضاع مأساوية عنوانها القصير هو «المعاناة القاسية» ومضمونها سنوات طوال عجاف خالية من الراحة والترف، مقيدة بأغلال غليظة من الاضطهاد والتمييز العنصرى والعِرقى.

كان «جونيش سجاناش» يبلغ من العمر خمس سنوات عندما أخذوه بعيدا، كان ذلك فى 1954، وهو العام الذى قررت فيه الحكومة الكندية إرسال الطفل البرىء إلى إحدى المدارس «السكنية» الداخلية فى أونتاريو بكندا، والتى تبعد مئات الكيلومترات عن مجتمعه الأصلى فى كيبك.

قال أخوه «روميو»، متذكرًا ملامح أخيه، إنه كان طفلًا رقيقًا ولد على أرض أسلافه.

ذهب ولم يعد

ولم يكد يمر عام واحد بعد وصول جونيش للمدرسة، حتى أصيب بحمى روماتيزمية ومات بعيدا عن أسرته، ودفن فى قبر مجهول بلا معالم على مقربة من المدرسة، باختصار ذهب ولم يعد.

وأضاف «روميو» الحزين أن أبناءً على الطرف الآخر من البلاد تعيد هذه الذكريات المؤلمة إلى الأذهان.

كشفت صحيفة الجارديان البريطانية عن القصة بتفاصيلها المفجعة فى تحقيق لها، انطلقت فيه من «تكيملوبس تى سيكويبميك»، وهو أحد الشعوب الأصلية داخل كولومبيا البريطانية، حيث أعلنوا أنهم أماطوا اللثام عن دليل بوجود قبور بدون معالم أو شواهد قبور تضم رفات نحو 215 طفلًا ينتمون لهذا الشعب الأصلى، وذلك خلف مدرسة داخلية «سكنية» سابقة فى مدينة كاملوبس.

أنباء «صادمة»

وجاءت الأنباء صادمة لكثير من الكنديين الذين ينتمون للسكان الأصليين، خاصة من ظل منهم على قيد الحياة ونجا من تلك المدارس، فهم كانوا يعرفون منذ سنوات أن هناك قبورا مجهولة تضم جثث ذويهم وتنتشر فى البلاد، غير أن كندا لا تفعل شيئًا ذا بال بشأنها.

وقال روميو سجاناش إن الذين اختفوا أو لم يعودوا إلى منازلهم على الإطلاق، وعلى الأخص من أعرفهم، تعرضوا للتعذيب البدنى والجنسى والروحى، مضيفًا: «عيونهم ونظراتهم تخترق ذاكرتى، والأشياء التى قالوها لى دون أن تنطق شفاههم بكلمة واحدة، فقد كان بكاؤهم دون دموع، ستبقى تلك الذكريات عالقة فى ذهنى ما بقيت حيا».

وذكر التحقيق أن الحكومة الكندية قامت فى الفترة ما بين 1867 و1996 بخطف ما يزيد على 150 ألف طفل ينتمون للشعوب الأصلية بقارة أمريكا الشمالية، من آبائهم وإجبارهم على دخول هذه المدارس قسرًا كجزء من حملة «الدمج الإجبارى»، مشيرا إلى أن الآلاف منهم تعرضوا للتعذيب البدنى والنفسى والاعتداء الجنسى.

مدارس الموت

كانت مدرسة كاملوبس للهنود الحمر هى الأكبر من بين 139 مدرسة داخلية أنشئت أواخر القرن التاسع عشر، وكانت تتسع لـ 500 تلميذ وتلميذة، والتى أدارتها الكنيسة الكاثوليكية نيابة عن الحكومة الكندية بين عامى 1890 و1969، وأغلقت أبوابها بشكل نهائى فى العام 1977.

بينما استمر عمل مدارس داخلية أخرى، يبلغ مجموعها 140 تقريبًا، حتى نهاية القرن العشرين فى جميع أنحاء كندا.

وقال وزير الخدمات المحلية الكندى، مارك ميلر، إن عدم تقديم اعتذار من البابا والكنيسة الكاثوليكية عن دور الأخيرة فى إدارة المدارس الداخلية فى كندا «أمر مخز»، وفقًا لوكالة فرانس برس، مشددًا فى رده على سؤال حول ما إذا كان يؤيد المطالبات التى تلح فى تقديم اعتذار بابوى، أجاب الوزير، خلال مؤتمر صحفى بالإيجاب قائلا: «بالطبع».

وأوضح أن «الكنيسة كانت مخطئة بلا شك فى تنفيذ سياسة الحكومة الاستعمارية التى كانت مدمرة للأطفال والعائلات والمجتمعات».

فى حين أكدت الكنيسة الكاثوليكية والحكومة الكندية أنهما أرادتا «جعل أطفال السكان الأصليين أكثر تحضرًا» من خلال غرس القيم الغربية فيهم.

وأثار اكتشاف رفات الأطفال مؤخرًا غضب مجتمعات السكان الأصليين، رغم محاولات الحكومات الكندية المتعاقبة للتصالح معهم.

بينما أكد تحقيق صحيفة الجارديان أن نسبة الوفيات عند صغار السكان الأصليين، ظلت تتراوح من الضِّعف إلى خمسة أضعاف، لعشرات السنين، وهى تفوق بذلك أطفال المدارس من «غير الأصليين»، مشيرا إلى أن الإهمال والمرض والانتحار كلها عوامل ساهمت فى فقدان مفجع لحياة المئات منهم.

«إبادة ثقافية»

ووصفت لجنة الحقيقة والمصالحة، التى تشكلت قبل خمس سنوات، ما كان يحدث فى هذه المدارس بـ«الإبادة الثقافية»، التى تمنع أطفال السكان الأصليين من الحديث بلغتهم الأم أو ممارسة طقوسهم الثقافية، والمخالفون يتعرضون لعقوبات قاسية.

وتعرض 3213 طفلًا للوفاة، وفقًا للسجلات الرسمية، لكن الرقم الأصلى أكبر من ذلك بكثير، حيث ذكرت اللجنة أن نحو 4100 من الأطفال الصغار توفوا فى تلك المدارس، سواء بسبب إساءة المعاملة أو من جراء الإهمال.

وفى هذا السياق، أفاد تقرير موسع لصحيفة نيويورك تايمز بأن عمر بعض الأطفال لم يتجاوز ثلاثة أعوام عندما فارقوا الحياة، قائلة: «عندما كان الطفل يختفى بشكل غامض، لم تكن العائلات تحصل بالضرورة على جثمان من أجل القيام بالدفن، وفى بعض الأحيان، تقدم له روايات غير مقنعة أو مبهمة».

وأشار التقرير إلى أن المدرسة التى عثر فيها على المقبرة، فتحت أبوابها بداية عام 1890، وذلك لاستقبال أطفال السكان الأصليين، واستمرت حتى سبعينيات القرن الماضى.

واستعان عدد من الخبراء بأجهزة رادار تستطيع كشف ما يوجد تحت الأرض، فى إطار البحث عن الأطفال الذين ظلوا فى عداد المفقودين.

وقال أحد الناجين من تلك «المدارس المروعة»، إن الأطفال كانوا يتوارون فجأة عن الأنظار، مؤكدا أنهم لم يسلموا من الاعتداء الجنسى ومختلف الانتهاكات الأخرى.

بينما توفى عدد مماثل متأثرا بالالتهاب الرئوى والحمى، والانتحار، فى حين ظل سبب وفاة مئات الحالات مجهولًا.

اغتيال الهوية

كان الهدف هو طمس هويات السكان الأصليين، فكانت المدارس الداخلية الهندية غالبًا ما تشبه السجون أو معسكرات الاعتقال فى ألمانيا النازية أو الكتلة الشيوعية.

وفى هذا السياق، يتذكر «جوتفريدسون»، وهو أحد الناجين ممن بقوا على قيد الحياة، لمحطة «سى بى إس» الأمريكية، ممارسات الإيذاء التى تعرض لها، والتى من بينها إرغامه هو وزملائه من الأطفال على عدم التحدث بلغتهم الأم الأصلية، قائلا: «ضربنا صفحا عن الحديث بلغتنا، فقد تعرضنا للترهيب بشكل مطلق».

وأكدت الحكومة الكندية أنها دفعت ما يزيد على 1.6 مليار دولار للناجين من هذه المدارس، فى حين أن لجنة المصالحة أوصت بضرورة الاستجابة لـ94 شكوى وطلبًا لمساعدة البلاد فى التعامل مع مأساة أطفال السكان الأصليين فى الماضى. لكن المجتمعات الأصلية شددت على ضرورة تفتيش مواقع لمدارس أخرى، بحثًا عن رفات الأطفال، مؤكدة أن الإحصاء الحقيقى للطلاب المفقودين من شأنه أن يجلب بعضًا من الراحة والسكينة لأرواحهم عسى أن ترقد فى سلام.

الدمج الاجباري خطف الاطفال
  • iTradeAuto
  • iTradeAuto
  • iTradeAuto
  • iTradeAuto
  • iTradeAuto