الهدف الأساسي من ضرب سوريا


????????????ممر داوود
????الهدف الأساسي من ضرب سوريا*
????تشهد سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024 م وصعود النظام الجديد بقيادة أحمد الشرع، المعروف سابقًا بإسم "أبو محمد الجولاني"، حالة من الفوضى والتصعيد العسكري غير المسبوق.
????هذا التصعيد، الذي تقوده إسرائيل بشكل رئيسي، يتجاوز حدود الصراعات الداخلية السورية ليصبح جزءًا من استراتيجية إقليمية طموحة تهدف إلى إعادة تشكيل خارطة الشرق الأوسط.
????في قلب هذه الاستراتيجية يبرز مشروع "ممر داوود"، وهو ممر بري استراتيجي يهدف إلى ربط الجولان المحتل بمناطق النفوذ الأمريكي والكردي في شرق سوريا، وصولًا إلى كردستان العراق، بما يخدم الأهداف الجيوسياسية الإسرائيلية والأمريكية.
????تتناول هذه الدراسة الأسباب الكامنة وراء الغارات الإسرائيلية المكثفة على سوريا، والتي طالت مؤسسات استراتيجية مثل وزارة الدفاع، هيئة الأركان، وحتى القصر الرئاسي في دمشق.
????كما تستعرض الدور المحوري للطائفة الدرزية في هذا الصراع، والتي تستخدمها إسرائيل كذريعة لتبرير تدخلاتها العسكرية.
????الهدف من هذا التقرير هو تحليل هذه التطورات بأسلوب علمي ومنهجي، مع التركيز على الأبعاد السياسية، العسكرية، والجيوستراتيجية لمشروع "ممر داوود"، وتأثيراته المدمرة على سوريا كدولة موحدة.
????????الفصل الأول*****
****السياق التاريخي والسياسي للأزمة السورية*****
1.1 سقوط نظام الأسد وصعود أحمد الشرع
منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011م، مرت سوريا بمراحل متعددة من الصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية.
نظام بشار الأسد، الذي قدم نفسه كحامٍ للأقليات، استطاع الصمود لأكثر من عقد بفضل الدعم الإيراني والروسي.
ومع ذلك، في ديسمبر 2024م، انهار النظام بشكل مفاجئ، مما مهد الطريق لصعود أحمد الشرع، الزعيم السابق لجبهة النصرة، كرئيس للمرحلة الانتقالية.
هذا التحول أثار مخاوف إقليمية ودولية، خاصة لدى إسرائيل، التي رأت في النظام الجديد تهديدًا محتملاً بسبب خلفيته المرتبطة بالجماعات الإسلامية.
1.2 الوضع الداخلي في سوريا
النظام الجديد بقيادة الشرع يواجه تحديات هائلة، أبرزها غياب جيش نظامي قوي واعتماده على ميليشيات غير نظامية تفتقر إلى التنظيم والتسليح المتقدم.
هذه الميليشيات، التي كانت في السابق فصائل معارضة، تفتقر إلى القدرة على مواجهة قوة عسكرية متطورة مثل إسرائيل.
كما أن الشرع يواجه صعوبات في فرض سيطرته على المناطق السورية المختلفة، خاصة تلك التي تسكنها أقليات مثل الدروز في السويداء، مما يزيد من حالة الفوضى الداخلية.
1.3 الدور الإسرائيلي في سوريا
منذ بداية الحرب الأهلية، اتخذت إسرائيل موقفًا استراتيجيًا يهدف إلى منع أي تهديد محتمل من سوريا.
هذا الموقف تضمن تنفيذ مئات الغارات الجوية ضد أهداف إيرانية وأخرى تابعة لحزب الله، بهدف قطع خطوط الإمداد البرية بين إيران ولبنان عبر سوريا.
ومع سقوط الأسد، تحولت الأولويات الإسرائيلية نحو منع إعادة بناء القدرات العسكرية السورية، مع التركيز على إضعاف النظام الجديد بقيادة الشرع.
????????الفصل الثاني*****
****الطائفة الدرزية ودورها في الصراع****
2.1 من هم الدروز؟
الدروز هم طائفة دينية عربية تنتشر في سوريا، لبنان، إسرائيل، والأردن، ويقدر عددهم في سوريا بحوالي 700 ألف نسمة، معظمهم يتركزون في محافظة السويداء جنوب البلاد.
و تتميز الطائفة الدرزية بتماسكها الاجتماعي وسرية شعائرها الدينية، التي تجمع بين تعاليم إسلامية مشوهة و فلسفات أخرى.
خلال الحرب السورية، حافظ الدروز على موقف محايد نسبيًا، لكنهم نظموا احتجاجات ضد نظام الأسد بعد 2011م.
2.2 الاشتباكات في السويداء
منذ صعود الشرع، شهدت السويداء توترات متصاعدة بين القوات الحكومية والمسلحين الدروز.
هذه الاشتباكات، التي بدأت على خلفية نزاعات محلية، أدت إلى مقتل العشرات، بما في ذلك مدنيون ومقاتلون دروز، إضافة إلى خسائر في صفوف القوات الحكومية.
النظام الجديد، الذي حاول بسط سيطرته على السويداء، اتهم بارتكاب انتهاكات ضد الدروز، مما أثار استياءً داخليًا وخارجيًا.
2.3 إسرائيل وحماية الدروز: الذريعة والواقع
أعلنت إسرائيل التزامها بحماية الدروز في سوريا، مستندة إلى "العلاقة الأخوية" مع الطائفة الدرزية داخل إسرائيل، حيث يبلغ عددهم حوالي 130 ألف نسمة و يخدمون في الجيش الإسرائيلي منذ عام 1957م.
ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذا الالتزام ليس بدافع إنساني، بل جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى استغلال الانقسامات الطائفية في سوريا.
إسرائيل قدمت دعمًا علنيًا لفصائل درزية مسلحة، بما في ذلك توفير تغطية جوية ضد تحركات القوات السورية، مما يثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء هذا التدخل.
????????الفصل الثالث*****
**** ممر داوود : الأهداف الاستراتيجية****
3.1 تعريف ممر داوود
"ممر داوود" هو مشروع استراتيجي يهدف إلى إنشاء شريط بري يمتد من الجولان المحتل، مرورًا بمحافظتي درعا والسويداء، وصولًا إلى منطقة التنف، حيث توجد قاعدة عسكرية أمريكية، ثم يمتد إلى مناطق سيطرة الأكراد في شرق سوريا وكردستان العراق.
هذا الممر يهدف إلى تحقيق عدة أهداف جيوسياسية، منها:
- **قطع خطوط الإمداد الإيرانية**: منع إيران من إعادة إنشاء ممر بري يربطها بحزب الله في لبنان عبر سوريا.
- **إضعاف النفوذ المصري**: من خلال ربط إسرائيل بالخليج وآسيا الوسطى دون الحاجة إلى قناة السويس، مما يقلل من الأهمية الجيوستراتيجية لمصر.
- **منافسة مشروع الحزام والطريق الصيني**: إنشاء ممر تجاري وعسكري يوازي المشروع الصيني، مما يعزز النفوذ الإسرائيلي والأمريكي في المنطقة.
- **تقسيم سوريا**: إبقاء سوريا في حالة من التفكك عبر دعم دويلات طائفية صغيرة، مما يضمن عدم ظهور نظام مركزي قوي.
3.2 الأهمية الجيوسياسية للممر
يعد "ممر داوود" مشروعًا طموحًا يهدف إلى إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية وتعزيز الهيمنة الإسرائيلية في الشرق الأوسط.
من خلال السيطرة على هذا الممر، تستطيع إسرائيل:
- **تعزيز الأمن القومي**: من خلال إنشاء منطقة عازلة تمنع أي تهديد عسكري من سوريا أو لبنان.
- **الوصول إلى موارد الطاقة**: ربط إسرائيل بمناطق النفط والغاز في الخليج وآسيا الوسطى.
- **إضعاف الأعداء الإقليميين**: تقليص النفوذ الإيراني والروسي في المنطقة، ومنع الصين من تعزيز مشروعها الاقتصادي.
3.3 السويداء: نقطة محورية في الممر
تقع محافظة السويداء في قلب مشروع "ممر داوود"، مما يجعلها هدفًا استراتيجيًا لإسرائيل.
أي قوة سنية أو جيش نظامي يحاول السيطرة على هذه المنطقة يشكل تهديدًا مباشرًا للمشروع.
لذلك، استهدفت إسرائيل تحركات الجيش السوري في السويداء بعنف، مستغلة الاشتباكات مع الدروز كذريعة لتبرير غاراتها.
????????الفصل الرابع*****
****الغارات الإسرائيلية - الأهداف والتداعيات****
4.1 طبيعة الغارات
منذ بداية 2025م، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية على سوريا، حيث استهدفت أكثر من 60 موقعًا، بما في ذلك:
- **مؤسسات استراتيجية في دمشق**: مثل وزارة الدفاع، هيئة الأركان، والقصر الرئاسي.
- **مواقع عسكرية في السويداء ودرعا**: بهدف إضعاف القوات الحكومية ومنعها من بسط سيطرتها على الجنوب.
- **مستودعات أسلحة وبنى تحتية**: لتدمير أي قدرات عسكرية محتملة للنظام الجديد.
هذه الغارات، التي وصفت بـ"الأعنف منذ بداية العام"، أدت إلى مقتل العشرات وتدمير بنى تحتية حيوية، مما زاد من حالة الفوضى في سوريا.
4.2 تصريحات القادة الإسرائيليين
أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس أن هذه الغارات تهدف إلى "حماية الدروز" ومنع نشر قوات سورية في الجنوب.
ومع ذلك، تصريحات كاتس التي هدد فيها بـ"ضربات مؤلمة" تشير إلى نية إسرائيلية لتصعيد العمليات العسكرية، وربما التحضير لعملية برية في المستقبل.
4.3 دور الموساد
تشير تقارير إلى أن الموساد الإسرائيلي بدأ في تنفيذ عمليات اغتيال تستهدف قيادات عسكرية وسياسية سورية، بهدف زعزعة استقرار النظام الجديد.
هذه العمليات تتم بالتوازي مع الغارات الجوية، مما يعكس استراتيجية إسرائيلية متكاملة لإضعاف سوريا.
????????الفصل الخامس*****
****ردود الفعل الدولية****
5.1 الموقف السوري
النظام السوري الجديد، بقيادة الشرع، أدان الغارات الإسرائيلية، واصفًا إياها بـ"العدوان السافر" على سيادة سوريا.
ومع ذلك، فإن غياب القدرات العسكرية النظامية جعل رد الشرع يقتصر على التصريحات اللفظية، دون أي مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل.
5.2 الموقف الدولي
- **الأمم المتحدة**: دعا الأمين العام أنطونيو غوتيريش إلى وقف الغارات الإسرائيلية واحترام سيادة سوريا.
- **الاتحاد الأوروبي**: أعرب عن قلقه من التصعيد في السويداء، داعيًا إلى وقف إطلاق النار وحماية المدنيين.
- **إيران وحزب الله**: استغلا الفوضى لدعم النظام السوري السابق، لكنهما يواجهان تحديات في ظل الضربات الإسرائيلية المستمرة.
- **الولايات المتحدة**: على الرغم من ضغوطها لتطبيع العلاقات مع النظام الجديد، فإن وجود قاعدة التنف الأمريكية يشير إلى دعم ضمني للمشروع الإسرائيلي.
????????الفصل السادس*****
**التداعيات على سوريا والمنطقة**
6.1 التفكك السوري
الغارات الإسرائيلية، إلى جانب استغلال الانقسامات الطائفية، تهدد بوحدة سوريا كدولة.
إنشاء "ممر داوود" قد يؤدي إلى تقسيم سوريا إلى دويلات طائفية صغيرة، مما يضعف أي محاولة لإعادة بناء دولة مركزية قوية.
6.2 الأزمة الإنسانية
تسببت الغارات في مقتل وإصابة العشرات، إضافة إلى تدمير بنى تحتية حيوية، مما زاد من معاناة الشعب السوري.
السويداء، على وجه الخصوص، تشهد أزمة إنسانية متفاقمة بسبب الاشتباكات والقصف.
6.3 التأثير الإقليمي
نجاح مشروع "ممر داوود" قد يعيد تشكيل التوازنات الإقليمية، من خلال:
- إضعاف النفوذ المصري عبر تقليص أهمية قناة السويس.
- تقويض مشروع الحزام والطريق الصيني.
- تعزيز الهيمنة الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة.
????????الخاتمة والتوصيات????????
7.1 الخاتمة
مشروع "ممر داوود" يكشف عن استراتيجية إسرائيلية طموحة تهدف إلى إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط.
من خلال استغلال الانقسامات الطائفية، وخاصة الوضع في السويداء، تسعى إسرائيل إلى إضعاف النظام السوري الجديد ومنع ظهور قوة موحدة في دمشق.
الغارات الجوية، إلى جانب عمليات الاغتيال التي ينفذها الموساد، تعكس نهجًا متكاملًا لتحقيق هذه الأهداف.
ومع ذلك، فإن هذا التدخل يفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا ويهدد بتقسيمها إلى دويلات صغيرة.
7.2 التوصيات
1. **تعزيز الوحدة الوطنية السورية**: يجب على النظام الجديد العمل على دمج الأقليات، بما في ذلك الدروز، في إطار وطني موحد، مع تجنب الصراعات الطائفية.
2. **دعم المجتمع الدولي**: على الأمم المتحدة والدول الإقليمية الضغط على إسرائيل لوقف غاراتها واحترام سيادة سوريا.
3. **إعادة بناء الجيش السوري**: يحتاج النظام الجديد إلى بناء جيش نظامي قوي قادر على مواجهة التحديات الخارجية.
4. **رفض التدخل الخارجي**: يجب على الدروز السوريين رفض أي دعم إسرائيلي، والتمسك بهويتهم الوطنية السورية.
⇧